samedi 4 janvier 2014

صيف مدارس اليابان وكوريا الجنوبية.. تعليــم بنكهة الترفيه

صيف مدارس اليابان وكوريا الجنوبية.. تعليــم بنكهة الترفيه



يشكل مستوى التعليم أحد أهم المعايير، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، التي يقاس بها مدى تقدم ونهوض الدول، وتعد التجربة اليابانية مثالاً جديرًا بالنظرة الفاحصة، والتأمل المُتكامل الأبعاد، كذلك الحال بالنسبة للتجربة الكورية الجنوبية التي أخذت كثيرًا من سابقتها، واستطاعت أن تؤدي دورًا فاعلا في الإصلاح المجتمعي والتقدم الحضاري، ولسنا هنا لإلقاء الضوء على أبعاد هاتين التجربتين، فقد نالتا قسطــًا وافرًا من الأبحاث والدراسات التحليلية، ولكن لنأخذ طرفــًا منها، هو النشاط الصيفي الذي هو بحد ذاته مُتعة تعليمية بنكهة الترويح والترفيه.
يبدأ الطفل الياباني في الولوج المدرسي الإلزامي وهو في ربيعه السادس إلى أن يصل لسِن الخامسة عشرة، ويصبح له الاختيار لمواصلة الدراسة في أي من المراحل التعليمية التالية، وبحسب الإحصاءات، فإن نحو ثلاثة أرباع التلاميذ يدرسون في المدارس الثانوية العامة، بينما الباقي يلتحق بالمدارس الفنية، وعلى خِلاف جل سنوات العام الدراسي المعروفة في العالم، فإن العام الدراسي الفعلي في اليابان يتراوح بين 240 و250 يومـــًا، بزيادة عن العام الدراسي الفعلي في الولايات المتحدة الأمريكية، تصل نسبتها إلى نحو 25%. وبداية العام تكون في الأول من  إبريل، ونهايته في الخامس والعشرين من شهر مارس، يتخلله عدد من العُطلات، من أطولها عُطلة الربيع، التي تصل إلى نحو 10 أيام، ومثلها عُطلة رأس السنة الميلادية، بينما العُطلة الصيفية، وهي الأطول على الإطلاق، فتصل إلى نحو 40 يومـــًا.. وعدد ساعات الدوام المدرسي، هي الأطول مُقارنة بأي دولة أُخرى، حيث تبدأ من الثامنة صباحـــًا، وتنتهي في الرابعة تقريبــًا، ويظل المُعلمون والمعلمات، داخل المدرسة حتى السادسة مساءً. وكثافة الفصول في المرحلة الابتدائية، لا تتجاوز  الــ 40 تلميذًا، يتلقون المواد المُقررة في المنهج، وتشمل اللغة اليابانية والإنجليزية كلُغة ثانية والرياضيات والعلوم وتكنولوجيا المعلومات والدراسات الاجتماعية والموسيقى والحِرف والتربية البدنية والاقتصاد المنزلي.
في كوريا الجنوبية، تمتد أيام السنة الدراسية نحو 270 يومــًا، موزعة على فصلين دراسيين، الأول مُدته نحو 5 أشهر، والثاني يمتد إلى نحو 4 أشهر، واليوم الدراسي يبدأ من التاسعة صباحــًا، وينتهي ما بين الثانية والثالثة ظهرًا للابتدائي، ويمتد إلى الرابعة للثانوي، ويتخلله فُسحة للغداء.والإجازات الأطول، التي تُمنح للمدارس الكورية، هي إجازة سنوية شتوية، ومُدتها شهران، وأجازة سنوية صيفية، ومدتها شهر واحد.
صيف مدارس اليابان
 والإجازة الصيفية، في المدارس اليابانية، على قِصرها النسبي، هي فترة ثرية للأطفال، حيث يتسابقون لمُمارسة الأنشطة، المُفيدة للجسم والعقل معــًا، وثمة دراسات تُشير إلى أهميتها واعتبارها امتدادًا وتواصلًا طبيعيًا للوصول إلى أهداف المنهج والمواد الدراسية.. فمدرسة التعليم الأساسي، تُتيح لتلاميذها خلال العُطلة الصيفية برامج مُنظمة وموزعة على أيام مُحددة للقيام بواجبات وتنفيذ مشروعات ذات قيمة لهم ولوطنهم، تدعمها مؤسسات المُجتمع المدني والشركات، مثل حملات النظافة والتجميل، ومشروع الارتقاء بالمواهب، وتبني أفكارهم، أو توفير الإمكانات لهم، لمُمارسة الفنون التقليدية اليابانية، ومنها فن الشودو، الذي يجمع بين الكتابة بالحروف صينية الأصل (كانجي)، وصوتيات نُطقها (كانا)، باستخدام الصبغ والرسم بالفرشاة والحبر، في إطار نوع محلي في الفن التشكيلي، وأيضــًا مُمارسة فن الهايكو، الذي يعود تاريخه إلى قُرابة الــ 400 سنة مضت، وهو عبارة عن شِعر شعبي، تجمعه قصيدة، مقسمة إلى 17 مقطعــًا، ويتسم هذا الفن بتعبيراته البسيطة، ومشاعره الصادقة. إلى جانب ذلك، تنظم المُسابقات الخاصة بتنمية ذكاء الأطفال، ومُسابقات أُخرى للرياضة البدنية، وتنظيم الرحلات وإقامة مُعسكرات الكشافة ونحوها من الأنشطة التي تأخذ طابع الترويح والترفيه، بينما هي في جوهرها تستهدف تنمية قيم المواطنة وروح الجماعة وإبراز المهارات في كافة المجالات.
وبالرغم من أن النشاط الصيفي في المدارس اليابانية ليس إجباريًا، إلا أن جل الأطفال يحرصون على الانخراط فيه، صيف مدارس التعليم الأساسي في اليابان لا يحمل الفراغ، أو تتناقل فيه عدوى الخمول والركون إلى الراحة بين الطُلاب، بل هو صيف يأخذ الطابع المُميز للشخصية اليابانية الدائبة  النشاط التي تعشق النظام، وتتفنن في التشويق والابتكار، ومن المنظور التربوي، فإن ذلك يُحقق:
- تعزيز الثِقة في النفس والتدريب على تحمل المسؤولية.
- إعلاء قيمة الحوار الفعال، وتقبل آراء الآخرين.
- إعلاء قيمة العمل والنهوض بالإنتاج.
- تكوين اتجاهات ذات بناء علمي سليم.
- الترويح عن النفس وتجديد النشاط وإشباع الرغبات.
- الابتكارية  في الأداء.
- البناء السلوكي السوي واتخاذ القُدوة الصالحة.
- غرس قيم الانتماء وحُب الوطن .
- إدراك ماهية البيئة والمُساهمة بفاعلية في الحفاظ على مُكوناتها.
- الاهتمام بالصحـة والعناية بالـقـوام الســليم، وصقل المهارات الحركية التي تتناسب مع عُمر الطالب.
- التعرف على المعالم الجُغرافيــة والآثار التاريخيـة والمزارات الســياحيـة للبلاد، بما يخدم الجانب النظري للمنهج المدرسي.
صيف مدارس كوريا الجنوبية 
وخلال الإجازة الصيفية التي تُمنح للمدارس في كوريا الجنوبية، والتي تُقارب الــ 30 يومـًا فقط، فإن ثمة نشاطًا لافتـًا  للانتباه، يُمارسه الطُلاب، خاصة في مرحلتي الابتدائية والإعدادية، يتمثل في الانضمام إلى مُعسكرات شبه عسكرية، يتلقون فيها تدريبات، تشمل زيادة القوة الذاتية والقُدرة على تحمل المصاعب ومعلومات أساسية حول التعامل مع حالات التعرض للأسلحة الكيميائية أو تسرب الإشعاعات، وقد تمتد هذه المُعسكرات، في كثير من المدارس، إلى أكثر من سِتة أيام.
وتُتيح المدارس الكورية، التي تفتح أبوابها يوميًا من الساعة التاسعة صباحًا، حتى الثالثة من بعد الظُهر، طوال فترة الإجازة الصيفية، المزيد من الأنشطة للطُلاب، وبخاصة المُتعلقة بالرسم والموسيقى والأعمال اليدوية والمُسابقات الرياضية، وتحظى هذه الأنشطة، بدعم وتشجيع من أولياء الأمور، حيث يحرص الكثيرون منهم، على تقديم المُساعدات، بينما يقوم آخرون بالتطوع، لإلقاء المُحاضرات.
وتحرص جل المدارس على تنظيم أنشطتها الصيفية في إطار مُخطط تعليمي تربوي، يُصنف إلى ثلاث فئات رئيسة، هي : 
- أولا: أنشطة اختيارية، بمُعدل 4 إلى 8 ساعات أسبوعيــًا، يختار منها الطالب، نشاطين من الأنشطة المُحددة، ضِمن المُخطط (الرسم ــ إنتاج الإنسان الآلي ــ لعبة الشطرنج ــ العزف على الناي، أو البيانو ــ فن الخزف..الخ).
- ثانيًا: التقوية في مواد أدبية وعِلمية، بمُعدل  سبع ساعات أسبوعيـــًا، ويستفيد منها المُتفوق والضعيف، على حد سواء، خاصة في مجالات الُلغة الوطنية، والتعبير الكتابي، والرياضيات، والحاسوب، والعلوم واللغة الإنجليزية..إلخ.
- ثالثـــــًا: برامج العناية بالطُلاب، ومُدتها من 3 - 10 ساعات أسبوعيـــًا، وفيها يكون المُعلم، موجهــًا ومُرشدًا، في حل العديد من القضايا العِلمية، عن طريق ألعاب الرياضيات، وألعاب المُكعبات، وتركيب الصور، ونحوها.
وإذا كان المُخطط العام، لبرامج الأنشطة الصيفية يوضع من قِبل لجنة من خُبراء التربيـة بالوزارة، إلا أنـه يُـترَك لكل مدرسـة حُـريـة الاختيار، من بين الأنشـطة، مـا يُـنـاسب احتياجات تلاميذها، وما يبدونـه من رغبات..
وبحسب المُخطط العام، فإن المُستهدف من الأنشطة الصيفية، في المدارس الكوريـة:
ـــ  إتاحة البيئة المُلائمة لأعمار الأطفال للتعبير الحُر عن مكنون مواهبهم، وإظهار ملَكة الإبداع لديهم.
ـــ تحقيق الانتماء المُجتمعي، وتوطيد أواصر العلاقة بين المدرسة والبيئة المُحيطة.
ـــ تقديم خدمات تعليمية غير تقليدية تتسم بالتشويق والترفيه.
ـــ تقديم الرعاية المُتكاملة للأطفال، خاصة صِغار السِن، الذين ينشغل آباؤهم وأمهاتهم، بالعمل خارج المنزل لساعات طويلة من اليوم.
ـــ التعرف على مُستجدات العِلم والتقنية وتحفيز الأطفال على الابتكار، باعتبار ذلك طريقهم نحو مُستقبل أفضل.
ـــ التدريب على التعل�'ُم الذاتي المُستمر.
- احترام الوقت، وتقدير قيمة العمل.
- اكتساب مهارات لحل المُشكلات.
- التدريب على القيادة الحكيمة والتبعية المُنضبطة.
- تعزيز الصفات البدنية في ضوء الخصائص العُمرية. 
- تهذيب الطباع والميول.
ـــ غرس حُب مِهنة الشرطي والجُندي.
ـــ التشجيع على ارتياد المكتبة واكتساب مهارة انتقاء الكُتب النافعة والمُناسبة للمرحلة العُمرية. 

أهــم المـراجــع 
- نور ميميتسو أونيشي : تلاميذ كوريا الجنوبية ، يذهبون لمدارس صيفية..ودروس خصوصية ، في العُطلة ــ صحيفة نيويورك تايمز ( نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط ــ العدد 9771 ــ الاثنين 25 رجب 1426 هـ / 29 أغسطس 2005م).
-  عُطلة طلابية ، على الطريقة الكورية الجنوبية ــــ تقرير لوكالة رويترز .
-  تقرير زيارة وفد وزارة التربية والتعليم السعودية ، لكوريا الجنوبية .
-  أعداد مُتفرقة من مجلة اليابان ـــ  تصدر عن مركز الإعلام والثقافة ــ  سفارة اليابان بالقاهرة .
-  مواقع  لوزارتي التربية والتعليم ، في كُل من اليابان ، وكوريا الجنوبية ، على شبكة الإنترنت .



مجلة المعرفة

0 التعليقات:

Enregistrer un commentaire